أحترت في تقديم هذا الحوار لما قد ستكون هذه المقدمة قليلة في حق دكتور بمثل عائض القرني, وما عساني أن أقول في هذه الأسطر القليلة وفي حقة المجلدات التي كتبت في مسيرته الدعوية وعطائه الموسوعي المتنوع, كان في الإعداد للأسئلة كذلك صعوبة بالغة من حيث تنوع الفنون التي يمتلكها والمواهب المختلفة التي تكونت بداخلة, فمن أي جانب سأتحاور معه؟ وفي أي صورة سيخرج هذا الحوار؟ كانت أسئلة تراودني قبل الخوض في لقائه, ولكن هذا لايمنع في الخوض في أسئلة كانت قد سببت إشكالات عند متابعين شيخنا الجليل, سواء في موقفه حين أتهمه الإعلام بالإعتزال من الدعوة, في حين أتهمه الكثير في تقصيره نظراً لتنوع المجالات التي يكتب عنها ويدعوا إليها, وفي نفس الوقت كانت مشاركته الأولى في مشروع ركاز وكانت أول تجربة له في إلقاء محاضرة أمام جمهور غفير في سوق مفتوح السقف والجوانب ولهذه التجربة الحق في الإستفسار عنها ومعرفة شعورة حيال ذلك, بذلك تكونت لدي الصورة العامة للحوار وألتقيت به وكان مرحباً بشوش الوجه يستحق كل من يراه أن يقتدي ليس فقط بعلمه بل وبخلقه وتصرفاته, فكنت أحاوره وأنا أشعر بأنني صديقه منذ زمين بعيد, فكان هذا الحوار هو من الدكتور ولم أكن إلا مستمعاً جيداً له أتعلم من كلماته وأنشرها لحضارتكم... لمتابعة الحوار أضغط على التفاصيل( يوجد رابط صوتي)
الأديب والخطيب والشاعر والدكتور والعديد من الألقاب للدكتور عائض القرني , هل هذه المواهب والطاقات التي نسأل الله أن يبارك لك فيها , هل كانت مدينة أبها هي البوابة الأولى لكل تلك المواهب التي أنطلق منها الدكتور عايض القرني وهل كان للشيخ إبراهيم سيب, سبب بعد الله تعالى في تكوين هذه المواهب عندكم؟ أنا أشكرك على حسن ظنك ونسأل الله أن يجعلنا خيراً مما تظنون , ويغفر لنا مالا تعلمون, وأنا أحمد الله عز وجل وهذا الفضل لله عز وجل وليس لمدينة الفضل في ذلك وأشكر المشايخ ورحم الله من مات منهم ويغفر لمن بقي منهم , كالشيخ إبراهيم سيب والشيخ بدرالله الأخواني, ومشايخ كثير حيث كان لهم دور كبير في التوجيه ثم أنا كنت في فترة لم يكن فيها وسائل إعلام كثيرة وهذه الفترة ساهمت في أن أهتم بالكتاب وهذه الوصية التي أوصيها للشباب بأن يهتموا بالقراءة والإطلاع أكثر من متابعتهم فقط للمواقع و الشاشات والفضائيات.
دعنا نتحدث حول مشاركتك اليوم كونها المشاركة الأولى لك مع مشروع ركاز لتعزيز الأخلاق وتعتبر جديدة في حياة الدكتور عائض القرني كونها في سوق وأمام جمهور متوع يحضر هذا اللقاء.
أخي راشد أنا أشكركم وأشكر القائمين على مشروع ركاز, وفي الحقيقة انا هذه الليلة سعيد في غاية السعادة ولم أكن أتصور هذا الجمع وهذا الجمهور وهذا الترتيب وأنا منبهر إن صح التعبير بهذا الكم الهائل وأنا في الحقيقة قد كنت محدد بعض العناصر التي سألقيها على الجمهور ولكن خرجت عن النص بعدما شفت هذا التواجد ورأيت هذا الجمع الغفير والتفاعل, وفكرة السوق هي من أعظم الأفكار الموجودة الآن في الساحة وأنا أتمنى أن تنقل هذه التجربة لدول أخرى , فأنا سعيد وأهنئكم بهذا النجاح وهذه الريادة
هل كان هناك فرق مابين خطب المنابر ومحاضرات المساجد وندوات الكليات وبين الكلمة التي ألقيتها في سوق شرق أمام هذا الجمع الغفير المتنوع وخاصة أنها التجربة الأولى لك دكتورنا الفاضل
أنا بوجهة نظري شعرت بإرتياح عجيب وأنا ألقي الكلمة في هذا المكان الفسيح المتنوع في الحضور وخرجت عن النص كثيراً وأنطلقت على سجياي وأنا أشعر بالسعادة الغامرة , لأن الناس كانوا قريبين ومختلفين حيث كانوا رجال ونساء وأطفال وكبار وصغار, وتفاعل الناس حينما تقول عبارة أو بيت شعري فتجد تفاعلهم مباشر أمامك فهذا الشي له مردود على المحاضر.
يتعرض الدعاة والإعلاميين والمفكرين والأدباء وكل من يدخل مجال الإعلام بفكر معين إلى إنتقاد ولا يسلم من التجريح, البعض يختفي من الإعلام بعد ذلك والبعض الآخر يجابهه ويبدوا أكثر قوة, أيضاً حبيبنا القرني لم يسلم من هذا النقد والتجريح وكان في ذلك سبب لإبتعاده قليلاً ثم عودته بقوة ... حدثنا عن هذه التجربة وخاصة أن البعض أطلق عليها أعتزال لشيء في أنفسهم؟
أنا أقول كما تفضلت أن الإنسان يتحصن بالصبر والإحتساب ويحاول أن يكون ثابتاً وفي الحقيقة الفترة التي مريت بها أنا كانت فترة إستراحة وسموها الناس عزله كالشرق الأوسط والعربية وغيرها .. وقد بحثت بهذه الفترة عن أسباب النقد لماذا يوجه ووجدت الكثير من الكلمات التي أسعدتني وآنستني ولذلك أبشرك بأني أنا لم أتصور ذلك من قبل ومن ضمن من قرأت لهم هو الكاتب المشهور مصطفى أمين يقول : إذا رأيت الطوب يلقى عليك فاعرف أنك وصلت بلاط المجد وأن مدفعية النجاح تطلق لك إحدى وعشرين طلقة , ويقول أحد الفلاسفة إذا ركلت من الخلف فاعرف أنك في المقدمة, وقال رجل للعقاد أنني هوجمت من الصحف فقال العقاد أجمعلي الصحف والمجلات فجمعها ثم قال ربتها , فرتبها , ثم قال أرتفع عليها , فطلع عليها , ثم قال أرتفعت عن الأرض بقدر هذا النقد, فقال نقدك يساوي قيمتك فأقول وكتبتها في الشرق الأوسط وهو الذي لا ينقد هو الميت والجماد أما الحي فهو ينقد فإذا لم تنقد أيها الداعي أو الإعلامي أو الكاتب فأحسن الله عزاك فأنت قد مت من زمان, فلذلك نعزيك, أما إذا أتاك النقد فهذا يعني أنك موجود ولك حضور وأنك قد فعلت فعلاً عظيماً فيها بعض الأخطاء
أي الفنون والمواهب تفضل والأقرب إلى نفسك وأكثر المجالات التي تقرأ فيها ؟
في الحقيقة ولله الحمد أنا لدي موهبة الحديث النبوي أبشرك أنا أستحضر منه الكثير بفضل الله عز وجل و أنا رسالتي الجامعية والماجستير والدكتوراه في الحديث النبوي , أما الثاني من الفنون هو الأدب عندي وأنا أحفظ أكثر من ديوان للمتنبي وكثير من دواوين الشعراء فالأدب يهزني كثيراً , فأنا لدي هذه الفنون التي أتقنها فن الحديث وفن الأدب ...
هل تلاحظ بأن كثرة العلوم في الشخص الواحد أو الفنون قد تقلل أو تضعف من الإتقان فيهم؟
معروف يا أخي راشد وقد كتب عني بعض الأخوة مثل الدكتور ناصر الزهراني في هذه المسألة والموسوعي دائماً يضعف في جوانب ولذلك ما للإنسان إلا أن يضعف في جانب حتى ولو كان متخصصاً في أمور الفقه ما يمكن لأن أنا طبيعتي هكذا , أقرأ في الأدب وأقرأ في التفسير وأقرأ صحف وأقرأ مجلات وهكذا فأنا على طريق الطنطاوي وأبن الجوزي دعوها فإنها مأموره فلذلك ما أتقيد في هذا وربما يضعف في بعض التخصصات لكن الطبيعة التي جبل عليها الإنسان فعليه أن يقبلها وعليه أن يساهم في كل الحقول التي يجيد فيها , أما التخصص في الفنون فهناك أشخاص معدودين في الأمة.
لك كتاب أسمه ( التفسير الميسر ) فهل هذه بداية لنرى الدكتور عائض القرني بإصدار سلسلة تفاسير للقرآن الكريم أو كفكرة لتكون تفسير مصور على شاشاة التلفزة؟
الحمدلله التفسير الميسر نزل في مكتبة العبيكان لكن أبشرك وأبشر الأخوة أن في هناك التفسير العالمي العصري في قناة المستقلة قد صورت منه ما يقارب 50 حلقة ويبث يومياً وهو مشروع العمر ونسأل الله التوفيق وهو مشروع مبسط للقرآن الكريم وهو شرفنا ومجدنا نسأل الله أن يجعله مبارك وخالصاً لوجه الله.
لدي سؤال سأختم به ربما يكون تقليدي ولكنني أثق بأنك ستعرف الجانب الذي سأقصده من خلال سؤالي , فكثير من الشباب لا يعرف ماهي الفنون التي بداخله وبذلك تفقده الإنتاجية في الوسط الإجتماعي أو التطوعي , ولا نريد تلك النصائح التقليدي والتي تضع الشاب في حيرة أكبر دون قواعد عملية يقوم عليها في هذه الساعة الآن ليفكر بالإنتاجية؟ أحسنت, أنا معك يا أستاذ راشد وتعبنا ونحن نقول في المحاضرات للشباب ( ثابروا, أجتهدوا, تقدموا ) هذا وعظ تقليدي ولذلك لا يعرف الشباب كيف يطبقونه, أنا الآن أنتقلت لصورة عملية في مسألة دعوة الناس إلى الإنتاجية وإلى الإبداع وإلى العمل, وهي أن نقول ودعني في البداية أن نتفق مع أخواني القراء لهذا اللقاء وفي بداية الطريق هو أن تجعل عمرك هو يوم واحد وأن العمر الذي تعيش فيه هو هذا اليوم فقط وأنك ستموت بعد صلاة المغرب, ونريد أن نقوم بعمل برنامج محدد وأنا أقترح عليك برامج عملية ليعملها كل إنسان, تجعل في نفسك فتقول أنا سأقرأ اليوم عشر صفحات وتكتبها في بطاقة طبعاً تكون هذه القراءة في ديني وفي إنتاجي وفي عملي وفي المجال الذي أفضلة, أحافظ على الصلوات الخمس, أقرأ جزء أكثر أو أقل من القرآن, التهيليل والتسبيح هذه مائة وهذه مائة, أشاهد برنامج مفيد مثلا, أبدأ في كتابة أفكاري وأعمالي التي أريد فعلها في الورقة ولا يهم حتى ولو كتبت موضوع إنشاء ولكن المهم هو أن أعرف ماذا سأفعل وأجعله هدفي لهذا اليوم, وبعد ذلك نقوم بكتابة الأعمال التي سأقوم بها للشهر القادم وكذلك الأعمال التي أريد القيام بها للعام القادم, وصدقني بهذا لو أستمر سيصبح لديه مشروع إنتاجي بهدف محدد وناجح بإذن الله, فأنا لم أعد أقول للشباب الكلمات التقليدي بل عليهم التطبيق والإلتزام بالبرامج العملية وبإمكانكم تطبيق أي برنامج غير الذي ذكرته ولكن المطلوب أن تقترح برنامج يومي وتطالع الشباب من حولك وتسألهم بعد أسبوع أو بعد شهر وتقول ماذا أنتجتم وماذا قرأتم هل نفذتم هذا المشروع, وحبذا ركاز أن يقدمونه في ورقه يكتب عليها المقترح اليومي أو ( الزاد اليومي ) وتوزع للشباب لكتابة أهدافهم اليومية التي يريدون تبيطقها أو نحو ذلك...